کد مطلب:239525 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:142

آراء أحمد أمین فی المیزان
و نحن بدرونا، و ان كنا نعتقد أن فیما قدمناه، و ما سیأتی كفایة فی تفنید هذه المزاعم و اسقاطها، الا أننا نری لزاما علینا أن نشیر بایجاز الی بعض ما یشیر الی ضعفها و وهنها، معتمدین فی بقیة ما یرد علیها علی ذكاء القاری ء، و تنبهه، و وعیه .. فنقول :



[ صفحه 256]



أما ما ذكر أولا : فقد كفانا هو نفسه مؤونة الكلام فیه، حیث قد اعترف بأن المأمون لو كان یرمی الیه لكان فی منتهی السطحیة و السذاجة ..

و أما ما جعله سببا ثانیا : فلعله لا یقل عن سابقه فی الضعف و الوهن، و لا سیما بملاحظة ما قدمناه فی الفصلین السابقین، من الظروف التی كان المأمون یعانی منها، و أیضا ملاحظة ما سیأتی من سلوك المأمون المشبوه، مع الامام (ع)، و معاملته السیئة للعلویین، و كل من یتشیع لهم، و یتعاطف معهم .. و علی الأخص اذا لاحظنا : أن المأمون لم تكن عقیدته هی المنطلق له فی مواقفه السیاسیة، بل كان ینطلق مما یراه یخدم مصالحه الخاصة، و یؤكد وجوده فی الحكم، و قد قدمنا أنه كان تارة یتحرج من تنقص الحجاج بن یوسف، و تارة یصف الصحابة، ما عدا الامام علی (ع) ب « الملحدین»، و یصف الخلیفة الثانی عمر بن الخطاب ب « جعل »، الی آخر ما هنالك من الشواهد و الأدلة، مما لا نری ضرورة لاعادته .

و لعل الأهم من ذلك كله : أن تفضیل المعتزله - معتزلة بغداد - علیا (ع) علی جمیع الصحابة، لم یكن واضحا بعد فی تلك الفترة، و انما بدأه بشر بن المعتمر حسبما سیأتی بیانه فی فصل خطة الامام .. و علیه فهذا الوجه لا یستقیم ، علی جمیع الوجوه و التقادیر .

و أما ما جعله سببا ثالثا ؛ فسیأتی الكلام علیه بنوع من التفصیل ..

و لكننا نستغرب منه جدا، بل و نأسف كل الأسف، لما طلع به علینا ؛ بما جعله سببا رابعا : من أن عدم تولی الأئمة للحكم یكسبهم شیئا من التقدیس ؛ فأراد أن یولی الامام الرضا العهد ؛ لیزول عنهم ذلك التقدیس - و قد أشرنا سابقا الی أنه استوحی هذه الفكرة من ابن القفطی فی تاریخ الحكماء ..



[ صفحه 257]



و لیس واضحا تماما من هم « الأئمة »، الذین یقصدهم أحمد أمین فی عبارته تلك . و اذا ما كان یقصد الأئمة الاثنی عشر، حیث انه فی معرض الحدیث عن أحدهم، و هو الامام الرضا.. بل أعلن ذلك صراحة فی عبارته الاخری، التی أوردها فی كتابه : « المهدی و المهدویة » - اذا كان كذلك - ، فاننا نری : أن لنا كل الحق فی أن نتساءل :

هل عثر أحمد أمین لهؤلاء الأئمه، أو لواحد منهم علی ما یتنافی مع التقدیس، علی مدی تاریخهم الطویل ؟!

و هل یستطیع أن یثبت علیهم أدنی شی ء یمس كرامتهم، و یتنافی مع مروءتهم، و یخالف دینهم و رسالتهم ؟! ..

و لماذا تظهر تفاهات غیرهم، و أخطاؤهم، رغم اجتهادهم و تفانیهم فی سترها ، و اخفائها.. و لا تظهر أخطاء هؤلاء الأئمة، رغم اجتهاد الناس فی الافتراء علیهم، و التعرف علی أیة نقیصة أو خطاء منهم ان كان ؟!! .

و متی كان هؤلاء الأئمة مستورین عن الناس، منفصلین عنهم، حتی استطاعوا أن یحصلوا علی هذا التقدیس ؟!!.

و هل كل شخصیة لا تصل الی الحكم یقدسها الناس ؟!!.

و هل كل شخصیة تصل الی الحكم لا یقدسها الناس ؟!! .

و هل التقدیس مقصور علی الشخصیة المستورة، و لاحظ للشخصیة الظاهرة منه ؟!!.

و هل أثر وصول الامام علی (ع) للحكم طیلة أكثر من أربعة أعوام علی تقدیس الناس له ؟!.



[ صفحه 258]



و هل یستطیع أحمد أمین أن یذكر لنا خطأ واحدا، ارتكبه الامام علی (ع)، طیلة فترة حكمه ؟! رغم أن معاویة و سواه، ممن كانوا معادین للامام (ع)، ما كانوا یألون جهدا فی الصاق التهم به، و الافتراء علیه ؟!! .

و أما عن الامام الرضا (ع) :

فمتی كان مستورا عن الناس، بعیدا عنهم ؟!!.

و هل تتفق دعواه باستتار الأئمة - و الرضا منهم - عن الناس، مع ما اعترف به المأمون نفسه للامام الرضا (ع)، فیما كتبه بخط یده فی وثیقة العهد، حیث یقول : « .. و قد استبان له [أی للمأمون] ما لم تزل الأخبار علیه متواطیة ، و الألسن علیه متفقة، و الكلمة فیه جامعة، و لما لم یزل یعرفه به من الفضل : یافعا، و ناشئا، و حدثا، و مكتهلا الخ .. » .

فهل یعقل : أن انسانا من هذا النوع یكون مستترا عن الناس، بعیدا عنهم، و لا یعیش فیما بینهم، منذ حداثة سنة الی أوان اكتهاله ؟! .

و مع ذلك .. فأی خطأ یستطیع أحمد أمین، أن یسجله علی الامام الرضا (ع) طیلة الفترة التی عاشها مع المأمون، رغم محاولاته الجادة - و هو الحاكم المطلق - من أجل أن یضع من الامام (ع) قلیلا قلیلا، و یصوره أمام الرعیة بصورة من لا یستحق لهذا الأمر، علی حد تعبیر نفس المأمون ؟! .

و هل لم یقرأ أحمد أمین أقوال كبار علماء أهل السنة، و أئمتهم، و تصریحاتهم الكثیرة جدا حول أئمة أهل البیت (ع)، و الامام الرضا منهم بالذات ؛ لیعرف مقدار عظمتهم، و طهارتهم، و نزاهتهم التی لا یشك، و لا یرتاب، و لا یناقش فیها أحد ؟! ..



[ صفحه 259]



و أخیرا .. هل زال ذلك التقدیس عن الامام الرضا، عندما ظهر للناس ؟! أم أن الأمر كان علی عكس ذلك تماما ؟!!..

هذه بعض الأسئلة التی نوجهها للاستاذ : « أحمد أمین »، و لكل من یری رأیه ، و یذهب مذهبه .. و اننا لعلی یقین من أنها سوف لن نجد لدی هؤلاء الجواب المقنع و المفید .. و انما ستواجه عنتا و عنادا صاعقین، یبتزان منهم كل غریبة، و یظهران الكثیر الكثیر من الترهات العجیبة .. و لكن لیطمئن بالهم ، و تهدأ ثائرتهم، فاننا سوف لن نستغرب علیهم مثل هذه الترهات، و لن نعجب لمثل تلك الافتراءات، فما تلك الا : « شنشنة أعرفها من أخزم » ..